دراسة الجدوى خطوة مهمة لأي مشروع، لأنها تشبه الاطّلاع على نشرة أخبار الطقس قبل رحلة بحرية، فهي ضرورية لتتأكد أن الظروف العامة مناسبة ومشجعة، وأن المشروع المخطط له واعد وأنك على استعداد لكل ما قد يواجهك لتحقق أعظم ربحٍ ممكن.
فعلى الرغم من أن الاستيراد مشروع ناجح، غير أنّه محدود ومشروط بمجموعة من العوامل والتحديات، ابتداءً من اختيار البلد المناسبة للاستيراد منها والمنتج الرابح وصعوبات التخليص الجمركي، ما جعل من دراسة الجدوى أمرًا ضروريًا لا مفر منه.
فما هي دراسة الجدوى لمشاريع الاستيراد؟ وما أهم أنواعها؟ وكيف تقوم بدراسة الجدوى خطوة بخطوة؟
في السطور التالية ستجد إجابات هذه الأسئلة وأكثر.
ما هي دراسة الجدوى؟
دراسة الجدوى هي تحليل يشمل جميع العوامل ذات الصلة بالمشروع، بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والتقنية والقانونية والجدول الزمني، للتأكد من احتمال اكتمال المشروع بنجاح.ما يعني قدرة المشروع على تحقيق إيرادات أو مبيعات كافية لتغطية المصاريف والتكاليف وتحقيق هامش ربح منطقي.
وعندما يكون مشروعك الاستيراد من الخارج، فهي أن تطرح الأسئلة التالية:كم سيكلفني أن أستورد هذه البضاعة؟ كيف سأستورد البضاعة؟ هل يحق لي أن أستورد هذه البضاعة من البلد الفلاني؟ ما الزمن اللازم لاستيرادي للبضاعة؟ كم سأربح من هذا الاستيراد؟ ما هي المخاطر والصعوبات التي قد تواجهني أثناء هذا الاستيراد؟ هل تستحق هذه التجارة كل هذا العناء؟
أنواع دراسة الجدوى
1. الجدوى الاقتصادية
الجدوى الاقتصادي ببساطة هي مقارنة بين التكلفة والعوائد المتوقعة، وهذا التحليل والمقارنة بينهما تدعى بالجدوى الاقتصادية، لتحسب الربح أو الخسارة المتوقعين، وهي التي تساعد المؤسسات والتجار عادةً على تحديد الجدوى والتكلفة والفوائد المرتبطة بالمشروع قبل تخصيص الموارد المالية للقيام به.
فاتخاذك القرار بين الإقدام على الاستيراد أو الإحجام عنه، يعتمد على مقدار الربحية المتوقعة من الفرق بين تكاليف وإيرادات التجارة.
من المهم عند إعداد هذه الدراسة ألا تهمل أي تكلفة، من سعر الشراء، تكلفة الاستعانة بشركة فاحصة، شركة تغليف، شركة شحن، مخلص جمركي، الرسوم الجمركية، الضرائب، أجور النقل، أجور التخزين، حتى لا تنس أن تترك احتياطي ليقابل أي تكلفة طارئة غير متوقعة.
2. الجدوى الفنية
دراسة الجدوى الفنية للاستيراد من أهم أركان دراسات الجدوى، لأنها تتعلق بكافة الجوانب الفنية المتعلقة به، فهي تحدد الصفات الأمثل لهذه التجارة، مثل حجم الشحنة الأنسب للاستيراد فتجيبك على سؤال “كم أستورد؟”، والمواصفات الفنية للبضاعة فتجيبك على سؤال “ماذا أستورد؟ وطريقة الاستيراد الأفضل فتجيبك على سؤال “كيف أستورد برًّا أو بحرًا أو جوًّا؟”
دراسة الجدوى الفنية عند الاستيراد مهمة للغاية، لأنها تجنبك عند القيام بها بدقة المشاكل والمخاطر المالية، فهي تساعدك على اتخاذ القرار في كل التفاصيل من لحظة اتخاذك القرار بالاستيراد، وحتى توقيعك عقد الاستيراد.
3. الجدوى التشغيلية
دراسة الجدوى التشغيلية هي التي تهتم بجميع ما يضمن نجاح عملية الاستيراد، أي بكل الوسائل والتقنيات والمرافق والأدوات اللازمة لوصول الشحنة المستوردة لك بسلامة ونجاح. فتدرس إمكانيات التعبئة والتغليف، طرق النقل والشحن الممكنة، تفاضل بين الاستعانة بمخلص جمركي، شركة شحن، شركة تغليف وتعبئة أو الاعتماد على الذات.
كما تختص دراسة الجدوى التشغيلية بتحليل الوضع المادي لكل خيار من الاختيارات السابقة بشكل مفصل وذلك من خلال تحديد التكاليف الأولية اللازمة بما فيها الرسوم الجمركية والضرائب وتكلفة التخزين حتى وصول الشحنة إلى مستودعاتك، ثم تحديد مستوى المخزون الذي عند وصوله عليك استيراد الشحنة التالية.
4. الجدوى القانونية
هذه الدراسة مفصلية وقد يكون من الأولى القيام بها أولًا، لأنها تحدد جميع المتطلبات القانونية مثل قوانين الاستيراد في البلد المستورد أو قوانين الجمارك أو الاتفاقيات التجارية بين البلدين المورد والمستورد أو قوانين الإعلان عن المنتج على وسائل التواصل الاجتماعي.
قد تكشف دراسة الجدوى أن المنتج المثالي الرابح هو “س” لكن هذا المنتج سيخضع لغرامات عند الجمارك ما يرفع من تكلفته فيقل ربحه أو حتى يتسبب ذلك في خسارة الاستيراد، إن لم تتم مصادرته وإتلافه، معرفتك بهذا قبل الاستيراد ستوفر عليك وقتًا وجهدًا كبيرين من خلال معرفة أن هذا المشروع لم يكن ممكنًا منذ البداية.
5. دارسة الجدول الزمني للمشروع
أخيرًا ولكن الأكثر أهمية في أنواع دراسة الجدوى، هي دراسة الجدول الزمني اللازم لوصول الشحنة، ما الوقت الفاصل بين استيراد الشحنة ووصولها، وما هي الفترات التي تفصل بين الشحنة والتي تليها.
دقة هذه الدراسة ستمنع تأخرك على الزبائن، وتمنع تحول الزبائن عنك إلى منافسك في حال نفاد المخزون لديك، كذلك هي ضرورية لحساب تكلفة التخزين وتكلفة التواجد في الميناء. ومن المعروف أن أي تكلفة قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد جدوى المشروع.
الآن وقد عرفت أنواع دراسات الجدوى التي عليك القيام بها عن الاستيراد، كيف تقوم بها؟ ما هي الخطوات العملية لإعداد دراسة الجدوى؟
7 خطوات لإعداد دراسة الجدوى لمشاريع الاستيراد
1. قم بإعداد تحليل أولي لمشروع الاستيراد
ابدأ بوضع الخطوط العريضة للشحنة المستوردة.ما السوق الذي ستستهدفه؟ ما البضاعة التي يبلغ معدل الطلب عليها مستويات أعلى من معدل الطلب. أو ما السلعة التي لا تحظى برضا المستهلك الكامل لكنها المتوفرة؟
يمكنك أن تستلهم حاجة في السوق من بيتك أو بيئتك المحيطة؟ انظر ما الحاجة الموجودة في السوق والتي يمكنك تلبيتها بمنتج معين، في بعض الحالات قد تعرف المستهلك على حاجة لديه لم يكن يعرفها قبل أن تعرفه على هذا المنتج، مثل منتجات تعقيم المفاتيح والأجهزة الإلكترونية التي انتشرت أثناء جائحة كورونا.
تعريفك للسوق على منتج فيه عامل مغامرة أكبر ولكن يحمل احتمال أن تحظى بالحصة الأكبر من السوق أو قد تجتاحه بالكامل.
2. الدراسة المالية
احسب التكاليف المالية على اختلاف أنواعها السابقة التي ذكرناها سابقًا في الجدوى الاقتصادية وما غفلنا عنه، ولا تهمل منها شيئًا. ثم احسب الإيرادات المتوقعة وقارن بينهما. النقطة التي تتساوى فيها التكاليف مع الإيرادات هي نقطة التعادل، قد يجد البعض في هامش ربح البسيط هدفًا كافيًا بينما يشكلون شريحة من الزبائن الأوفياء.
قد يكون من الجيد أن تبدأ بشكل عكسي. ابدأ بالدخل أو هامش الربح الذي تريده من مشروع الاستيراد، ثم بأن تسأل ما هو رأس المال المطلوب لتحقيق هذا الربح وهل لديك مصادر تمويل كافية أو هل تحتاج للبحث عن مستثمرين أو مصادر تمويل خارجية.
لا تهمل الخدمات المطلوبة التي تحتاجها ومقدار تكلفتها ومواعيد السداد اللازمة وهل ستستطيع مقابلتها في الوقت اللازم.
3. قم بإجراء أبحاث السوق
هذه الخطوة هي مفتاح نجاح دراسة الجدوى الخاصة بك، لذا أجرِ تحليلًا للسوق المستهدف بشكلٍ شاملٍ قدر الإمكان. إن لم يكن لديك الخبرة الكافية للقيام بهذه الدراسة تستطيع الاستعانة بشركة مختصة لتقوم بهذه الدراسة عنك، دراسة السوق هي تفقد المياه قبل أن تقفز فيها، لأنها ستمنح تصور واضح للإيرادات المتوقعة وعائد الاستثمار بشكل واقعي.
بعض الأمور التي يجب مراعاتها هي التركيبة السكانية، تحليل المنافسين، القيمة السوقية وما ستكون حصتك وما إذا كان السوق مفتوحًا للتوسع في المستقبل.
4. قم بإعداد خطة تنظم أعمال وعمليات المشروع
بعد أن تنتهي من المراحل السابقة التي تعتبر أساسًا لبناء خطة التنفيذ، حان الوقت لإعداد خطة عملية قابلة للتنفيذ لتنظيم عمليات المشروع المخطط له لتلبية المتطلبات وعوامل الجدوى الفنية والتشغيلية والاقتصادية والقانونية.
من المهم جدًا أن تكون الخطة شاملة وتغطي كافة التفاصيل وتتضمن تكاليف بدء التشغيل والاستثمارات الثابتة وتكاليف التشغيل. ستجد على الإنترنت العديد من البرامج والمواقع التي تهدف لمساعدتك في عملية التخطيط.
سنركز اليوم على مخطط جانت لأنه عملي وبسيط ونشرح لك بعض التفاصيل عنه وقد نغطي مخططات وبرامج أخرى في المستقبل.
بدايةً ما هو مخطط جانت (Gantt Chart)؟ هو أداة لإدارة المشاريع تساعد في تخطيط وجدولة المشاريع بمختلف أنواعها وأحجامها، صُممت بشكل خاص لتبسيط المشاريع المعقدة وفيما يلي ستجد صورة لمخطط جانت لأحد المشاريع يوضح فيها ترتيب النشاطات من حيث الأولوية ونسبة إتمام كل منها.
لتحميل المخطط اضغط هنا
5. قم بإعداد الموازنة التقديرية عند بدء مشروعك
ببساطة هي قائمة بما لك وما عليك، قائمة تقديرية للأصول والخصوم، حاول أن تكون دقيقًا قدر الإمكان. للقيام بذلك، أنشئ قائمة تتضمن مصادر التمويل المتاحة والتكاليف المطلوبة.
الالتزامات التي يجب عليك مراعاتها هي أشياء مثل تكلفة الشحن، تكلفة الاستعانة بالخدمات المختلفة من تغليف وتعبئة وشحن ونقل ورسوم جمركية.
ما هي الموازنة التقديرية؟
تقدير الميزانية هو تقدير مبدئي إما للموارد المتاحة للاستخدام عند الاستيراد، أو للأموال المطلوبة لوفاء قيمة التكاليف. توفر هذه التقديرات معلومات قيمة لأغراض التخطيط ولكنها ليست نهائية لأن هناك مساحة دائمًا لحدوث ما هو غير متوقع.
الغرض من تقدير التكلفة هو التنبؤ بكمية الموارد المطلوبة وتكلفتها لإكمال مشروع الاستيراد. وتُستخدم تقديرات التكلفة لحساب الربح المتوقع وهل من المجدي القيام باستيراد هذه الشحنة أم لا.
مدى أهمية الموازنة التقديرية
تتضمن بعض الفوائد المرتبطة بإنتاج تقديرات دقيقة للتكلفة ما يلي:
- القدرة على تخطيط أكثر دقة: عندما تكون قادرًا على التنبؤ بدقة بالموارد المطلوبة لإكمال الاستيراد، ستتمكن من إنتاج جدول تفصيلي للعمل بكفاءة، والالتزام بالمخططات الزمنية المتوقعة.
- الحصول على أكبر هامش ربح ممكن: التقدير الدقيق للتكاليف المتوقعة وغير المتوقعة والاستعداد لها يساعد في حماية هامش الربح والمفاضلة بين الاحتمالات الممكنة لاختيار أوفرها وتعظيم الربح.
- تحسين قدرتك على إدارة الموارد: ستمكنك من اكتساب المهارات اللازمة لإكمال عملية الاستيراد بنجاح وأمان وتحديد فجوات الموارد، والاستعانة بالخدمات الخارجية عند الحاجة.
- علاقات أقوى مع الزبائن: قدرة زبائنك على الاعتماد عليك والحصول على منتج عند طلبه، سيزيد من ثقته بك وولائه لك.
- مشاريع دائمة مستمرة: عندما يتم تسليم الشحنات في الوقت المحدد وبالجودة الموعودة، فسيكون زبائنك سعداء، وتكسب صفقات متكررة، ونجاحات أكبر.
عناصر الموازنة التقديرية
يجب أن يتضمن تقديرك تفصيلاً لجميع التكاليف المتضمنة في المشروع. هناك فئتان رئيسيتان لتصنيف التكاليف:
- التكاليف المباشرة: التكاليف المرتبطة مباشرة بعملية الاستيراد (مثل تكاليف البضاعة والشحن والرسوم والتخزين و…الخ)
- التكاليف غير المباشرة: التكاليف التي تتكبدها لتتم الاستيراد لكنها غير متصلة مباشرة بالشحنة مثل (مثل المرافق والمساحات المكتبية و..الخ)
- إيرادات المبيعات
6. راجع كافة البيانات التي تم تجميعها في الخطوات السابقة وقم بتحليلها
توقف لحظة للنظر في عملك للمرة الأخيرة. أعد فحص خطواتك والبيانات السابقة، مثل الواردات المتوقعة، وقارنها بنفقاتك والتزاماتك. هل تبد ومنطقية؟
كل الخطوات السابقة مهمة، لكن المراجعة والتحليل مفصليان للتأكد أن قرارك سيبنى على بيانات وأسس صحيحة.
7. قم باتخاذ قرارك
مهمة ووظيفة كل الخطوات السابقة مساعدتك على اتخاذ القرار، هل من المجدي أن تقوم بالاستيراد أم لا وهل يستحق الالتزام بهذا المشروع كل هذا الوقت والجهد والمال؟ بعد أن تجيب على كل النقاط السابقة يبدو اتخاذ القرار أمرًا بسيطًا مبنيًّا على أسس منطقية.
الآن وقد اتخذت قرارًا والغالب أنّك وإن عزفت عن استيراد نوع معين من البضائع، إلا أنّك ستختار غيرها لاحقًا، لأنّ رأس المال الجامد يؤلم الذين يعرفون أهمية الاستثمار، ومن الطبيعي أن ترغب باكتشاف عالم الاستيراد، خاصةً وأنه بنى إمبراطوريات كثيرة، فلم لا تكون أنت قصة النجاح التالية؟ كل ما عليك فعله الآن أن تعدّ العدة وتتكل على الله، ولا تنس أن تطلع على مقالاتنا الأخرى، فقد غطينا مواضيع كثيرة ستهمك من اختيار المنتج وحتى التخليص الجمركي، ولك منا أطيب التمنيات بالتوفيق.