مشاكل الدروب شيبنج
عندما تفكر في امتهان التجارة الدولية، كثيرون سينصحونك بالدروبشبينغ “Dropshipping”، والسبب وراء اندفاعهم هو الربحية العالية التي يزعم البعض أنّهم يحقّقونها، فيزعم البعض أنهم يحققون $1000 في اليوم دون الحاجة إلى رصد مبلغ مالي كبيرة لهذه التجارة ولا الخوض في تعقيدات الاستيراد من الخارج ولا دفع تكاليف التخزين ولا العمالة ولا أي من مصاريف تأسيس الشركة.
ولو كانت هذه الصورة حقيقية إلا أنّها غير كاملة، فهناك جانب مظلم لا يتحدّث عنه الكثيرون، وفي هذا المقال سنلقي الضوء عليه، لا لنثنيك عن عزمك، ولكن لتكتمل الصورة وتتضح أمامك، فدعنا نبدأ.
بدايةً، ما هي الدروبشبينج؟
هو أن تشتري البضاعة من المورد عبر الإنترنت وتبيعها للزبون مباشرةً، دون أن تحتاج لتخزينها أو الاحتفاظ فيها في مخزنك. فالاختلاف الأكبر بين الدروبشيبينغ ونموذج البيع بالتجزئة المتعارف عليه، هو أن التاجر البائع لا يخزن أو يمتلك مخزونًا – فهو يعمل كوسيط يشتري البائع البضاعة من المورد حسب طلب طرف ثالث (زبونه).
من الطبيعي الآن أن تخطر لك مجموعة من الأسئلة مثل ولماذا لا يشتري الزبون البضاعة من المورد؟ لماذا يحتاج لي إن كان كل ما سأفعله هو شراء البضاعة عبر الإنترنت؟ وما الجوانب المظلمة أو سلبيات الدروب شبينج إن كان كل ما في الأمر شراء وإعادة بيع؟ فاسمح لي أن أجيبك على هذه الأسئلة.
لماذا تتجنب الدروب شيبنج؟
عدم حاجتك لتخزين البضاعة وتوصيلها إلى الزبون مباشرة لا ينطوي فقط على إيجابيات تتمثل بعدم حاجتك للتخزين وتخفيض تكاليف التخزين والنقل والجرد و…الخ، لكن تعني أيضًا أنّك ستبيع بضاعة لا تملكها ولم ترها ولم تقم بفحصها، وبناءً على هذا ستترتب مجموعة من السلبيات سنذكرها لك تاليًا في فئات.
مشاكل وعيوب الدروب شيبنج
مشاكل خاصة بالمنتج
- الحصول على البضائع بأسعار مبالغ فيها مع حجم منافسة عالٍ
لا تتوقع أن تحصل على المنتج بنفس السعر الذي سيحصل عليه مستورد عادي، والسبب أن المستورد سيسعى ليستورد شحنة كبيرة ليخفّض من تكاليف الشحن، أما أنت فلا تستطيع استيراد طلبية بحجم أكبر من حجم الطلب الحالي لأنّك لا تستطيع التخزين.
كما أنّ لسهولة التجارة الإلكترونية سلبية تتمثّل بأنّه يمكن لأي شخص لديه جهاز كمبيوتر محمول واتصال بالإنترنت إنشاء متجر للتجارة الإلكترونية، فتجد معظم البائعين يبيعون نفس المنتجات الشائعة من موردين مشابهين، ما يعني أنّك ستواجه الكثير من المنافسة ما يضطرك إلى إبقاء أسعارك منخفضة إلى حد ما لتضمن مكانًا في السوق، وبالتالي ستنخفض أرباحك على الأقل في البداية.
- الحصول على منتجات منخفضة الجودة
الراحة الكبيرة المرافقة لعدم الاضطرار إلى رؤية المنتجات التي تبيعها أو التعامل معها تعني أيضًا أنك قد تضحي دون قصد بجودة المنتجات التي تبيعها لعملائك. وهذا أمر سلبي لثلاثة أسباب رئيسية:
- ستخيب توقعات العملاء.
- ستحصل على تقييمات سلبية.
- لن تحصل على ولاء عملائك للمتجر ولن يكرروا الشراء منك.
ونظرًا لأنّك ستسعى لتشتري منتجات تبيعها الشركة المصنعة بالجملة بسعر منخفض للغاية لتحقق ربحًا معقولًا، فلن تكون الجودة دائمًا من الدرجة الأولى. فلا تستغرب لو اتصل عدد قليل من العملاء ليشتكوا أن المنتج مكسور أو سيئ الصنع أو أنه توقف عن العمل تمامًا.
مشاكل لوجستية
- وقت شحن طويل جدًا
عدم وجود منتجاتك في المخزن عند ورود طلبات الشراء عليه، يعني أنّك لا تستطيع شراء المنتج حتى تردك الطلبات عليه، أي أنّ على زبونك عليه الانتظار حتى يصل المنتج بعد أن يقطع القارات والمحيطات ما قد يستغرق 20 يوم. بالمقابل يمكنه طلب المنتج نفسه أو ما يشابهه عن طريق أمازون أو غيره من المتاجر ليصله بعد يوم واحد فقط.
- تجزئة الشحنة المطلوبة من عميل واحد
عندما تقدم طلب شراء عبر الإنترنت يحتوي على منتجات متعددة، قد تصلك هذه المنتجات في شحنات منفصلة، على الرغم من أنك قدمت طلبًا واحدًا فقط، إلا أنك ستتلقى حزمًا متعددة، غالبًا في أيام مختلفة. وكلّما زادت الشحنات التي ترسلها، زاد المبلغ الذي ستدفعه أنت أو العميل لقاء تكاليف الشحن.
- صعوبة إرجاع البضائع ورد أموال العميل
بفرض وصل منتج معيب للعميل، سيقوم بالتواصل معك ليعيده وتعيده بدورك للمورد الذي سيعيد لك سعره وتعيد السعر بدورك للعميل، وغالبًا سيقوم المورد بفرض رسوم عليك لإعادتك السلعة ولكن لا ننصحك باتباع هذا الأسلوب مع العميل فليس أسوأ من استلام سلعة معيبة، إلا الاضطرار إلى دفع رسوم شحن إضافية لإعادتها. علمًا أن معظم موردي الدروبشيبينغ لا يتحملون رسوم الإرجاع بالبريد للسلع المعيبة. فبرأيهم هم لم يصنعوا المنتج، لذا فهم غير مسؤولين عن العيوب. لكن العميل لا يعرف سواك وهو زبونك ليس زبون المورد، لذا لا ننصحك بتحميله الرسوم.
- خدمة ما بعد البيع سيئة
عندما تبدأ مشروع دروبشيبينغ الخاص بك، ستعمل أيضًا كمندوب مبيعات ومدير وسائل التواصل الاجتماعية ومصمم الويب وفريق دعم العملاء. وبمجرد بدء مبيعاتك، تصبح مسؤولية خدمة الزبائن مزعجة للغاية.
ستضطر للتعامل مع الكثير من الشكاوى حول جودة المنتج وتأخير التسليم ووصول الشحنة الخطأ. لن يكون لديك أي سيطرة على مخزونك ، ولكن سيتعين عليك تحمل كل المسؤولية عن أخطاء الموردين.
فعندما لا يكون لديك سيطرة على سلسلة التوريد، إذا تلقيت شكوى من عملائك، لا يمكنك حلها بسهولة وإذا كان لدى عميلك سؤال لا يمكنك الإجابة عليه، فأنت بحاجة إلى مناقشة ذلك مع المورد أولاً، الأمر الذي قد يستغرق بعض الوقت ولن يعجب زبائنك.
مشاكل تسويقية
بما أنّك تستثمر أموالًا أقل، ستحصل على أرباح أقل. وهذه الهوامش المنخفضة لا تكفي لتغطية نفقاتك وتكاليف التسويق والإعلان بالإضافة إلى مجموعة من المشاكل التي تتعلق بطبيعة الدروبشبينغ منها:
- تكلفة الإعلانات عالية … نظرًا لكثرة المنافسين الذين يبيعون المنتج نفسه وضعف هامش الربح الذي يخفض من ميزانية التسويق المتاحة.
- حتى ولو خصصت ميزانية كاملة للتسويق وتنازلت عن الربح لا يمكنك التوسع فى الإعلانات فى حال نجاحها نظرًا لعدم قدرتك السيطرة على توفر المنتج، فأن تخوض حملات تسويق كبيرة ومكلفة على منتج يمكن للمورد أن يتوقف عن إنتاجه أو توفيره في أي لحظة لا يعد أمرًا حكيمًا.
- ميزانية صغيرة وعمل ناشئ تعني عدم القدرة على منافسة العلامات التجارية الكبرى، ستبدو كسمكة صغيرة تسبح بين الحيتان.
ما البديل المناسب للدروب شيبنج؟
خلافًا للاعتقاد السائد، فإن نموذج أعمال الدروبشيبينغ ليس خطة مضمونة للثراء السريع. نعم يبدو الأمر وكأنه ربح سهل – فأنت تبيع سلع لأشخاص آخرين وتأخذ جزءًا من الأرباح ولكن عندما تضع في الاعتبار جميع العوائق والعقبات التي ذكرناها سابقًا، لا يبدو الأمر بالسهولة التي يزعمونها ويمكن أن يكون عملاً شاقًا لا يستحق كل هذا العناء، لذا دعنا نذكر لك نماذج أخرى مربحة ويمكن أن تكون بديلًا أفضل عن الدروبشبينغ:
- البيع بالأمانة
أولى إيجابيات الدروبشبينغ التي تغري الكثيرين للعمل في هذا المجال هي عدم تحمل تكاليف التخزين وعدم الحاجة لرأسمال كبير لبدء العمل في هذا المجال، وهي أكبر سلبياتها إذ لا تملك سيطرة على توافر المنتج.
بينما في البيع بالأمانة يحتفظ المورد بملكية المننتج حتى يتم بيعه للمستهلك النهائي ولا تحتاج لدفع ثمنه حتى يتم بيعه. بالمحصلة، أنت حصلت على إيجابيات الدروبشبينغ دون أن تضطر لتحمل سلبياتها.
هذه الطريقة شائعة في السلع الكبيرة الحجم، مثل الأثاث أو السلع الرياضية. فقد لا يكون لدى تجار التجزئة السيولة الكافية لشراء مجموعة من الأرائك الفاخرة التي قد تستغرق شهورًا أو سنوات لبيعها من المعارض. كذلك في مجال الأدوية، إذ توزع شركات الأدوية منتجاتها الغالية على الصيدليات، ولا تطلب ثمنها إلا عندما يتم بيعها، ويمكن لبائع التجزئة إعادة المخزون الذي لا يبيعه إلى الموزع دون خسائر.
بهذه الطريقة لست مضطرًا للدفع مقدمًا مقابل أي من المنتجات التي تريد بيعها. ويمكنك التوفير في تكلفة المخزون مع الحفاظ على علاقة رائعة مع المورد والزبائن والحفاظ على مجموعة متنوعة كبيرة من المنتجات التي تناسب كل عميل.
- صناعة المنتج بنفسك
عندما لا يعجبك ما يصنعه الآخرون، يمكنك دومًا صناعته بنفسك، وسواءً قررت إنتاج الملابس أو المجوهرات أو منتجات التجميل الطبيعية، فإن صنعها بنفسك يسمح لك بالتحكم الدقيق في الجودة والعلامة التجارية.
عادة ما يكون هذا أحد خياراتك الأقل خطورة وسيجنّبك جميع سلبيات الدروبشبينغ وعادة ما يكون هامش الربح المحتمل هو الأعلى.
وبينما لا يمكن أن تنتج كميات كبيرة من المنتجات يدويًا، فمن المهم التفكير في استخدام الشركة المصنعة. يمكنك إما إنشاء منتج فريد خاص بك أو يمكنك إعادة إنتاج منتج موجود في السوق بتكلفة أرخص. في هذه الحالة ، سيكون لديك سيطرة على التجربة الكاملة التي قد يتمتع بها العميل المحتمل.
إنتاج بضاعتك بنفسك يتيح لك تجربة منتجك وتطويره باستمرار. التحدي هو إنتاج منتج عالي الجودة مع الحفاظ على تكاليف منخفضة.
- التسويق بالعمولة (Affiliate Marketing)
وهو أن تسوّق لمنتج ليس لك ولا تملكه وتتحمل تكاليف التسويق وعندما يتم البيع تقوم الشركة الأصل بشحنه وإرساله متحملةً كامل التكاليف لتحصل على عمولتك من هذه العملية. و بهذه الطريقة لن تتحمل أي مسؤولية عدا التسويق لكنك ستشارك في الأرباح، لذا يعتبر التسويق بالعمولة نموذجًا تجاريًا عالي الربح ومنخفض التكلفة.
- استيراد المنتجات بنفسك بأسعار رخيصة
نظرًا لوجود منافسة شديدة في الدروبشبينغ، فمن الصعب أن تبرز كشركة تجارية جديدة. أفضل طريقة للتخلص من المنافسة الشديد هي استيراد منتجات خاصة بك تميزك عن الحشود وتضع عليها علامتك التجارية الخاص لتبني لنفسك اسمًا يعرف في السوق.
عدا عن أنّ الاستيراد سيمكّّنك من التحكم في جودة المنتجات واكتساب سمعة جيدة وموثوقية عالية، كذلك فإن الاستيراد يسمح لك بالاستفادة من خصومات الشراء بالجملة مع استمرار تحديد الأسعار ما يعني هوامش ربح أكبر وقدرتك على التحكم في حجم المخزون الموجود إليك وتوفير المنتج متى احتاجه زبونك.
تعرف على كيفية الشراء من موقع علي بابا.
- بيع البضائع الرقمية
إذا كنت منجذبًا إلى فكرة الدروبشيبينغ لأنها تمنحك قدرًا عاليًا من المرونة في موقع عملك ولا تريد تحمل مسؤولية وتكاليف المخزون، فقد تجد في المبيعات الرقمية أفضل خيار لك. فالسلع الرقمية هي منتجات يتم تخزينها وتسليمها واستخدامها بتنسيق إلكتروني مثل الكتب الإلكترونية والموسيقى والبرامج والألعاب.
تمامًا مثل الدروبشيبينغ، عند بيع سلع رقمية ، لا تحتاج إلى تخزين أو تتبع أو حزم أو شحن المخزون. كل ما تحتاجه هو العمل عن كثب مع الشركاء لإنتاج عروض فريدة لا يستطيع كبار تجار التجزئة تقديمها. بهذه الطريقة مخزونك لن ينفد وستظل التكاليف منخفضة حتى أثناء الوصول إلى الأسواق الدولية.
- شركات الفولفيلمنت
شركات الفولفلمنت أو شركات الوفاء للتجارة الإلكترونية أو شركات تنفيذ الطلبات، هي طرف ثالث بينك وبين الزبون، تتابع طلبات الشراء التي يقدمها زبائنك، فلا يتعين عليك تخزين البضاعة على الإطلاق، ولا يتعين عليك شحنها إلى الزبون، فهي شركات متخصصة في التعامل مع المخزون ومعالجة الطلبات وشحن البضائع لشركات أخرى.
فعندما تتعامل معهم، ستتخلص من سلبية عدم القدرة على التحكم في المخزون دون أن تضطر إلى تحمل تكلفة التخزين، فعندما تشتري بضاعة ما وتدرجها في موقعك تسلمها إلى مركز الاستيفاء (مخازن شركات الفولفلمنت) . وكلما قدم أحد العملاء طلبًا ، تقوم هذه الشركات بتعبئة البضائع وشحنها تلقائيًا.
نعم ، يمكن أن يكون الـ دروبشيبينغ مربحًا للتجار، فهو نموذج أعمال منخفض المخاطر يسمح لك ببيع المنتجات لعملائك دون تكبد تكاليف تشغيل ضخمة مثل تاجر الجملة. بسبب هذه التكاليف المنخفضة، تجد الكثيرين من معجبيه لكن خدمة عملاء سيئة، ووقت شحن طويل جدًا، وعدم القدرة على ضمان جودة المنتجات ليست سلبيات بسيطة ليتم تجاهلها كما يفعل المتعصبون لهذا النموذج، لذا قارن بين الإيجابيات والسلبيات وإن أردت أن تبدأ مشوارك المهني في هذا المجال فعلى الأقل أصبح لديك صورة واضحة عمّا ينتظرك، وبالتوفيق أيًّا كان خيارك.